السلفي المناهض للعدوان محمد طاهر أنعم: العديد من السلفيين لهم مواقف جديدة ضدّ العدوان والصراع في تعز أخذ منحى مناطقي ثم طائفي وتراكمات تاريخية قديمة جدّا روجت للصراع
يمنات – العربي
السباحة عكس التيّار، هذا هو الانطباع الأوّل الذي يتشكّل حول سلفي يخبرك أنه ضدّ التدخّل العسكري للمملكة العربية السعودية في اليمن، عبر “التحالف العربي”، أو “العدوان”، كما يصرّ أن يسمّيه. يضع عضو الهيئة العليا لحزب “الرشاد” السلفي، تمايزه هذا، في إطار نبذ دعوات الأفكار “القذرة” وفق التوصيف الذي يطلقه عليها، رافضاً المناطقية والمذهبية، الدخيلة على منطقته تعز. ويلخّص محمد طاهر أنعم، القيادي في “الرشاد” السلفي، وداعية الوسطية والاعتدال كما يحرص أن يقدّم نفسه، نظرته إلى الحلّ، بعدم إقصاء المكوّنات السياسية الأربعة الكبرى في البلاد.
حاوره مفيد الغيلاني
محمد طاهر، ربما السلفي الوحيد الذي وقف ضدّ التدخّل العسكري السعودي، ما هي وجهة نظرك تجاه الموضوع؟
ليس هذا الأمر صحيحاً. بالعكس، أعرف العديد من الأصدقاء والزملاء والإخوة السلفيين لهم مواقف جديدة ضدّ العدوان، وبعضهم يعلن هذا الشيء بشكل واضح، وبعضهم ربما يتخوّف من إعلانه، لأنه في مناطق ربما يجد تهديداً، مثل تعز أو عدن أو المكلاء وأبين وغيرها، ويوجد الكثير من السلفيين يعارضون العدوان السعودي الظالم على بلادنا، وهذا هو المتوافق على الفطرة الإسلامية السوية.
أشرت في منشور على صفحتك في “فيسبوك” إلى أن الصراع في تعز أخذ منحى تطرّفياً، مناطقياً، وعصبياً، ومذهبياً، وسياسياً، لماذا هذا التوصيف لتعز خاصّة؟ إلى ما تستند في هذه القراءة؟
نعم، بالتأكيد الصراع في تعز أخذ منحى مناطقياً بشكل كبير جدّاً، ثم طائفياً في المرتبة الثانية، والسبب، للأسف الشديد، هو بعض أحزاب “المشترك”، التي حاولت أن تجير كلّ هذه القاذورات الفكرية والسياسية لمصلحتها، من أجل معركتها الخاصّة مع فصائل وأحزاب أخرى في الداخل اليمني، كان يمكن التفاهم معها والحوار، لكنها اختارت طريق محاولة استثارة العصبيات المناطقية والطائفية لتدمير المجتمع. لم تكن تظنّ أنها ستدمّر المجتمع التعزّي وستفكّكه بهذه الحماقات. كانت تظن أنها جولة بسيطة وستنتصر وسوف تسيطر على الوضع، لكن للأسف لم يحقّق ذلك الأمر نجاحاً. كان عبارة عن سلاح ذي حدّين، حدّ إيجابي، وحدّ سلبي، بالنسبة لها إيجابي طبعاً، لأنها كسبت مجموعة من الناس المتعصّبين، الذين كانوا يشحنون سابقاً بناءً على شحن مناطقي: هذا من مطلع، وهذا من منزل، وغيرها من القاذورات الخطيرة في الفكر وفي العقيدة التي تخالف الإسلام والوطنية. والبعض أيضاً أخذها من منطلق طائفي: سنة وشيعة وغيرها من الأشياء التي لا تعرفها اليمن عبر تاريخها… والحاصل أن هذا الخطاب ربما لاقى رواجاً في مناطق داخل المدينة، وبعض من مديريات جنوب المحافظة، مثل الشمايتين والوازعية والمواسط.
ولكنه لم يلق رواجاً في المديريات الأخرى، مثل شمال محافظة تعز، شرعب الرونة وشرعب السلام وماوية، لا يوجد أحد يحمل في نفسه بشكل واضح وكبير مثل هذه القاذورات المناطقية والطائفية والعنصرية، وكذلك لم تجد رواجاً في مديريات غرب المحافظة، المخاء وذباب وغيرها. خسرت أحزاب “المشترك” أكثر مما كانت تظنّ أن تربح، وأشعلت فتنة كبيرة في تعز، وتحوّل الصراع إلى هذه الدرجة. بإذن الله سوف تخمد كلّ هذه الأمور، وسوف تنتهي رغم أنها كوّنت مجموعات معقّدة من الإرهابيين والقتلة والصعاليك الذين حملوا السلاح بناءً على هذه المنطلقات، ونرجو ألا ينجحوا في تخريب مدينتنا والتعايش فيها.
برأيك، لماذا وجدت مثل هذه الدعوات رواجاً في تعز؟
وجدت رواجاً بسبب تراكمات تاريخية قديمة جدّاً، بعضها من الستينيات وبعضها من السبعينيات، ربما كانت تسمّى بـ”الجبهة الوطنية”، والحرب التي كانت موجودة في كثير من محافظات اليمن على أساس مناطقي أيضاً، المواجهات التي كانت في نهاية الستّينات، 68، وعبد الله عبد العالم، والناصريون الذين كانوا معه وخسروا في صنعاء، فانتقلوا إلى هذه المناطق في الحجرية، وحاولوا أن ينشئوا الخطاب المناطقي السيئ، رغم أنهم كانوا مظلومين في البداية، لكنهم استخدموا أسلوباً سيئاً، وهذه الأشياء لا زالت موجودة في نفوس بعض الناس، وهي التي سبّبت رواجاً كبيراً في هذه الحركة، أمّا الطائفية فهي موجودة لدى المتشدّدين دائماً.
باعتقادك، ما هو الحلّ الذي يناسب تعز؟
بالنسبة للحلّ الذي يناسب تعز، فهو وجود دولة قوية لا تسمح لأي صاحب خطاب طائفي مناطقي أو عنصري أو مذهبي، تمنعه وتخاطبه، أمّا السكوت فهو كارثة. صرنا نلمسها، وصار إخواننا في تعز يلمسونها، عصابات القتل من المحشّشين والصعاليك والقتلة، الذين يقتحمون البيوت ويكسرون الأقفال ويسرقونها في كلابه والمجلية وفي الجحملية وفي بير باشا والمطار القديم ومناطق كثيرة في تعز، هي نتائج لمثل هذه الخطابات ولغياب الدولة، نحتاج إلى دولة قوية تمنع هؤلاء جميعاً، ونحتاج إلى حكومة تشاركية، تشترك فيها كلّ الفئات والمكوّنات السياسية الفاعلة في الأرض، بدون إقصاء لأحد.
كونك من أبناء تعز، هلا وصّفت لنا الحالة الراهنة لتعز، وإلى أين تظنّ أن الأمور ستتّجه؟
بالنسبة للوضع في تعز، فهو وضع سيء جدّاً. تعز هي أسوأ مدينة في الجمهورية من ناحية فقدان الأمن وانتشار العصابات، عصابة السلب والنهب والاستهداف المناطقي والمذهبي والطائفي والسياسي، وطبعاً هذا ليس في كلّ المحافظة، وإنما في مدينة تعز، وربما مدينة التربة أيضاً، أمّا بقية المحافظة، مثل الراهدة ومدينة الدمنة ومدينة هجدة والبرح والمخاء وغيرها من الأرياف، تعيش حدّاً أدنى من الأمن، لكن الإشكالية داخل مدينة تعز، للأسف الشديد لا توجد فيها دولة، ما يوجد فيها خراب ودمار وعصابات تتقاتل وتتقاسم المربّعات.
كنت وسيطاً في إخراج عدد من مشايخ السلفيين، على أي قاعدة تمّ ذلك؟
كنت وسيطاً بإخراج مجموعة من المشايخ السلفيين من الاعتقال والسجن في صنعاء وصعدة. هي وساطة خير، بناءً على مناشدة من قبل عوائل وأسر أولئك الإخوة، وبناءً على معرفة أنهم لم يكونوا من المحرّضين والداعيين إلى الحرب، وما يوجد سوء تفاهم، يوجد نوع من التحريض ضدّهم من شخصيات وأجهزة أمنية لا تعرفهم تمام المعرفة. وذهبنا إلى الإخوة في “الأمنية” في صنعاء، وأفهمناهم وشرحنا لهم وضع الإخوة، وأنهم ليسوا من المحرّضين والذين يدعون إلى القتل والقتال والتفرقة المذهبية والطائفية والمناطقية، ووجدنا قبولاً لدى الطرف الآخر، وتوفّقنا.
من خلال أحد مواقع التواصل الإجتماعي، وجّهت دعوة للسلفيين في الرياض إلى العودة، ما هي شروط العودة؟ وما الضمانات التي تقدّمها أنت لهم؟
نعم، وجّهت دعوة للإخوة السلفيين في السعودية وخارج الوطن الراغبين في العودة إلى منازلهم وبيوتهم وأعمالهم. دعوتهم إلى العودة، بعد إبلاغنا وإبلاغ غيرنا لترتيب وضعهم ولإزالة سوء التفاهم، وإلى السعي في الصلح بينهم وبين الأجهزة الأمنية والإخوة في “أنصار الله” و”المؤتمر”، والسبب أن الشيطان أوقع بيننا، والله سبحانه وتعالى يقول “لا خيرَ في كثيرٍ من نجواهم إلا من أمرَ بصدقةٍ أو معروفٍ أو إصلاحٍ بين النّاس”، فنحن نحاول أن نصلح بينهم، ونعمل على تهدئة النفوس لجميع الأطراف.
علاقة محمد طاهر بـ”أنصار الله” وعلي عبد الله صالح… ما نوع هذه العلاقة؟
علاقتي بجماعة “أنصار الله” علاقة عادية وطبيعية، علاقة مواطن يمني بمواطنين يمنيين وجماعة يمنية، نحن نحترم جماعة “أنصار الله”، ونعتبرها جماعة وطنية تريد الخير، تسعى في الخير، ولديها ايجابيات ولديها سلبيات، نحاول أن نتواصل معهم فنشجعهم على الإيجابيات ونشكرهم عليها، وأعظمها مواجهة العدوان، محاربة الفساد، إزالة مراكز النفوذ الفاسدة من البلد، ولديهم سلبيات أحياناً، ربما في المجال الأمني أو في مجال التعامل مع الآخر، وبعض الأشياء، نحاول أن ننصحهم بالتي هي أحسن وبالأسلوب الجيد الذي نرى أنه ربما يخفّف بعض الأخطاء من منطلق المحبّة والأخوّة، وليس من منطلق العداوة والفضيحة.
أمّا علاقتنا بـ”المؤتمر الشعبي العام”، هي علاقة مواطن يمني بحزب يمني، لست عضواً فيه، ولكني لا أحمل له العداوة والبغضاء، فنحاول أن نقيم علاقة معهم وننصحهم ونكون قريبين منهم، وهي نفس العلاقة مع حزب “الإصلاح” و”الإشتراكي” و”الناصري” أيضاً، جميعهم إخواننا، لا نريد إقصاء واستئصال أي حزب يمني ولا أي جماعة يمنية، وإنما نريد للجميع الخير، ومن قبل نصيحتنا أعطيناها له.
ما الذي تتوقّعونه لمستقبل العلاقة بين “المؤتمر الشعبي العام” و”أنصار الله” والأحزاب المناوئة لـ”التحالف العربي”، خاصّة عقب تشكيل “المجلس السياسي”؟
نتوقّع نجاح أعمال “المجلس السياسي”، فهو ورقة ضغط مهمّة للانطلاق وعدم الإنتظار. وأعتقد أنها أتت أكلها سريعاً، فبدأ المجتمع الدولي يقدّم مبادرات، مثل مبادرة كيري الأخيرة. ونرجو أن تكون مبادرة نحصّل منها فائدة ونصل إلى حكومة توافقية، ونحن ندعو دائماً إلى التصالح، وقلت أكثر من مرّة، وأكرّر، إنه توجد لدينا أربعة قوى كبيرة داخل اليمن لا بدّ في أيّ صلح أن تجمع هذه القوى، وهي “المؤتمر الشعبي العام”، وجماعة “أنصار الله”، وحزب “الإصلاح”، و”الحراك الجنوبي”، ويجب أن يشترك هؤلاء في مجلس رئاسي وفي حكومة وحدة وطنية، لا يقصى أحد، ولا يبعد أحد، لكن إذا كانوا لا يريدون أو يرفضون، فعلى الموجودين أن يتحرّكوا، ونرجو أن يجتمع الجميع في النهاية.
في ختام اللقاء، هل تودّ أن تضيف شيئاً؟